إلى جنات الخلد خالي الطيب عمر

إنا لله وإنا إليه راجعون،،،

أبناء المرحوم/ الطيب عمر
عمر (25 عاماً)
صديق (23 عاماً)
يسرى (18 عاماً)
سلمى و إسلام (15 عاماً)
محمد المصطفى (12 عاماً)
عبد الرافع (6 أعوام)

كان متسامحاً فعدوه صديقه

كان وفياً
عندما حضر في عزاء الدكتور عبد الله النور (يرحمه الله) كان مصراً أن يزور قبر والده بأحمد شرفي فقضى ساعات يبحث و يبحث في المقابر حتى وجده و ترحم عليه و لم يكن يدري أنه سيقبر بنفس المكان.

كان محباً للوقت فدائماً يحافظ و يلتزم بالزمن و يقضيه في الذي ينفع

كان ورعاً، تقياً متديناً يحب مجالس الدين و الذكر و العلم

كان جميلاً في مظهره أنيقاً مرتباً نظيفاً يحب الجمال و النظافة و الأناقة
كان لبقاً في حديثه، فطناً دبلوماسياً يعرف متى يتحدث و متى يصمت
كان وقوراً يحترم الكبير و الصغير
كان متواضعاً و محباً للخير
كان يحب العمل و الكد و الجد
كان عفيفاً، فحتى عندما كان مريضاً و نعلم أنه يتألم كان يشعرنا بأنه بخير ظناً منه ألا يرهقنا

كان كريماً فكان بيته مفتوحاً و في كل وقت و لكل زائر و عامل و عابر و مريض و خاصة أهل أم سعدة فالطيب عمر من أوائل الزين سكنوا الدبيبات من أهل أم سعدة و في ذلك الوقت لم تكن الحياة بهذه اليسر و السهولة فالذي يسافر من العاصمة إلى أمسعدة فلابد أو غالباً ما ينام في الدبيبات فكان منزل الخال الطيب عمر هو المأوى و الذي يأتي مريضاً من أم سعدة يقصد منزله.
كان في الماضي القريب وسيلة الإتصال الوحيدة هي الهاتف الثابت الذي لا يوجد إلا بالدبيبات فكان معظم إن لم نقل كل أهل أم سعدة يقصدون متجرة بسوق الدبيبات و خاصة يوم الثلاثاء للتحدث مع أبنائهم و زويهم من مختلف مدن السودان و من خارج السودان. و إذا كان هنالك خصوصية بالنسبة للمحادثة الهاتفية و خاصة النساء كان هاتفه الثابت بمنزله أيضاً مفتوح للكل.

الطيب عمر يتصف أيضاً بالصبر و قوة التحمل
فكان صبوراً يصبر حتى على المرض و يتحمله فإنه كان يعاني منذ فترة من الزمن من بعض الأمراض فدائماً يرفض المجيئ إلى الطبيب ليس لأنه لا يؤمن و لا يثق في الطبيب لكن لأنه يرى أنه عليه أن يصبر و يتحمل فإن ما به من داء فهو بسيط و لا حاجة إلى طبيب.

من محاسن الفقيد
دماثة الخلق و طيب المعشر و حسن النية (أبيض القلب كما يقول أهلنا)
كما أنه يتصف أيضاً بالأمانة و النزاهة فقد ذكر إمام مسجد الدبيبات الشيخ عوض أن الطيب عمر كان ضمن لجنة مسجد الدبيبات و كان أمين المال فما من إجتماع يخص المسجد إلا و أتى الطيب و معه المال نقداً في جيبه فبعد أن تُراجع الحسابات على الورق فيخرج المال من جيبه و يعرضه على أعضاء اللجنه لمراجعته.

كنا نعلم أن صحته تتدهور ساعة بعد ساعة لكن لم نكن نعلم أن الموت قريب منه لهذه الدرجة، فسويعات فقط و قد فارق الحياة. فما أصعبها ساعات و ما أحزنها لحظات و ما أصعبها أوقات لا تُعالج إلا بالصبر و الثبات.

فنسألكم جميعاً أيها الأخوة أن تسألوا له الرحمة و المغفرة و تدعوا له الله أن يصبر زوجته و أخوته و أبنائه و أصدقائه و جيرانه و أحبائه.

فحزنت محلية القوز كلها و مدينة الدبيبات خاصة فكانت الفاجعة فالكل يبكي و يزكر محاسن الفقيد الذي دفن في مقابر أحمد شرفي التي دفن بها والده الجد الخليفة/ عمر محمد حامد الذي توفى قبل حوالي ستة أعوام في رمضان أيضاً.
وصلنا الدبيبات في اليوم التالي أى الجمعة 27/7/2012 فالكل يبكي و يمدح فحدثونا زملاءه و أصديقاءه عنه كأننا لم نكن نعرفه من قبل
إنه فعلاً الطيب فذكر أحدهم أن هنالك علماء في الدين و السياسة و الإقتصاد و كل المجالآت فإن الطيب عمر كان عالم في الأخلاق، فزكرني أن أمه (الحبوبة فاطمة الضي، يرحمها الله) كانت تلقبه بالطيباني.
كان المأتم و لا يزال بمنزله بالدبيبات و بمدينة تندلتي (بمنزل شقيقه الخال/ محمد عمر محمد) و بإمدرمان بأمبدة الجميعاب بمنزل الخال/ إبراهيم حسن عوض زوج الخالة/ سعدية عمر
شكرا لكل من وصلنا بأمدرمان و تندلتي و الدبيبات و شكرا لكل من هاتفنا و شكرا لكل من وقف معنا و كل من رابط بمكان المأتم و كل من تحدث عن الفقيد وزكر محاسنه.
فقد بكتك الدبيبات يا الطيب عمر و حزنت لفراقك، غفر الله لك و رحمك.

كان مطلوب منا توفير زجاجتين دم. فحضرت الطبيبة و زكرت لنا أنهم تحصلوا على زجاجة على أن يتم التبرع بعد الإفطار. كان الدم ينساب ببطء في جسده النحيل و فجأة توقف الدم، ندهنا الممرض فأتى و مزح معنا أن الماء لا يطلع العالي فكانت يد الخال الطيب تارة تكون في وضع رأسي، وضع يده أفقياً و إنساب الدم (كانت الساعة الرابعة عصراً تقريباً) و موعد الإفطار على وشك.
زكر لي الأخ يوسف الآن كل شيى على ما يرام، و أننا سننقل الخال الطيب إلى عنبر الدرجة بعد الإفطار. طيب جزء من النساء لابد أن يرجعن إلى البيوت لإعداد الإفطار. أخزت جزء منهن و في طريقي إلى البيت، أتصل بي الأخ محمد الأمين أحمد عبد الرحمن و كنت في الطريق و لم نأخز مكالمته و إتصل مرة أخرى و لم نأخز مكالمته لانه في بالي أن كل شيى ترتب و التبرع بالدم بعد الإفطار و لا شيى يدعو للقلق و التحدث في الهاتف في الطريق، إتصل للمرة الثالثة فرديت له نعم محمد الأمين فقال لي أين أنت زكرت له بالمنارة (ود البخيت)، فقال لي تعال تعال تعال راجع خالك الطيب زي أتوفى، قلت له كيف يعني قال لي أن الطبيب يفحصه الآن ليؤكد وفاته.
وصلت إلى الغرفة 3 باطنية في حوالي الساعة الخامسة عصراً و الكل يبكي الطيب عمر الذي كان يحدثهم قبل أقل من نصف ساعة و قبل موته بدقائق طلب مسبحته وكبر الله و نطق بالشهادة و نام فكانت تلك روحه الطاهرة تصعد إلى ربها

رحمك الله الخال الطيب فمات في عمر يناهز الـ 55 عاماً

في الصباح الباكر في يوم الخميس 26/7/2012 إتصل بي الوالد العمدة محمد عبد الرحمن و ذكر لي أن خالك الطيب صحته تدهورت و نقل إلى حوادث أمدرمان قلت له دقيقة و نرجع ليك، فإتصلت بالأخ يوسف و مباشرة أكد لي أن الخال الطيب في حوادث أمدرمان.
فذهب الجميع للحوادث فكان يوم زحمة و عدد كبير جدا من المرضى ما بين حالته خطرة و ما بين متوسط و كويس، فكان الخال الطيب متوسط الحال فبعد سلسلة من الفحوصات و الإجراءت خلال فترة الصباح نُقل الخال الطيب إلى عنبر الرجال باطنية الغرفة 3. فبعد أن وصلنا إلى العنبر وجدنا أحد المرضى قد توفى في الحال. كان جو حزين و النساء تصرخ و تبكي ميتهم و الخال الطيب يعتصره المرض.
وصل إلى المستشفى عدد كبير جدا من الأهل و الأصدقاء و المعارف و كانت الإجراءت و الأدوية تسير بصورة لا بأس بها
طلبوا منا فحص واحد من خارج المستشفى فاُخزت العينة و أرسلت إلى المعمل على أن نتحصل على النتيجة يوم الجمعة الساعة 12 ظهراً.
كان النساء من حولنا (خالاتنا و عماتنا و أخواتنا) أكثر حزنا على الطيب و كانت تنهمر منهن الدموع و نحاول نحن أن نقنعهم أن الطيب بخير و عليكن الرجوع إلى المنزل، فكانن يرفضن و بإصرار أن يبقن في المستشفى. فإزدحم العنبر و الغرفة بزوار الخال الطيب بعضهم خارج الغرفة و البعض الآخر يقف حول سريره و هو ينظر إلى الجميع و يطلب ماء من حين لآخر

وصل الخال الطيب و الأخوين يوسف و صديق و كان الخال الطيب يمشي على رجليه فجلسنا في الأستقبال حتى مقابلة الطبيب. تصفحت النتائج فكل شيئ يبشر بالخير و بينما أقلب أوراق الفحوصات أشار لنا موظف الأستقبال بالدخول للطبيب فدخل الخال الطيب و الأخ يوسف و خرجوا بعد مدة تقارب النصف ساعة. كيف الحال يا خال كله تمام فكتبت له أدوية و على أن يقابل الطبيب مرة أخرى بعد شهرين.
أشار لي الأخ يوسف بان نذهب إلى السيارة على أن يذهب هو إلى الصيدلية لشراء الادوية المطلوبة و ذهبنا في ذلك الشارع الأكثر إزدحاماً (شارع المشرحة أو شارع مستشفى الخرطوم) ثم وقفنا و تجازبنا أطراف الحديث و كان كل همنا ألا يرجع الخال الطيب إلى الدبيبات حتى نطمئن على صحته. فجلس الخال الطيب على الرصيف حتى يأتي يوسف فوصل يوسف و معه كل المطلوب و كل مضى في سبيلة

وصلنا الخال الطيب عمر في أمدرمان يوم الإثنين الموافق 23/7/2012 و هو يعاني من المرض لكن بصحة لا باس بها في نفس اليوم قابل الطبيب المختص و أجريت له كل الفحوصات اللازمة و بالطبع بعض الفحوصات كانت محتاجة لوقت مثل الصور المقطعية و الخ و في يوم الثلاثاء 24/7/2012 أخزت الصور و كل ما تبقى من فحوصات على أن تكتمل النتائج يوم الأربعاء 25/7/2012 و يُقابل الطبيب في نفس اليوم بعد صلاة التراويح
و قد كان كل لفحوصات و النتائج أكتملت. وصلت إلى عيادة الطبيب بعد العشاء مباشرة و كان الأخ المهندس يوسف محمد عمر (إبن أخ الطيب عمر) و الأخ صديق الطيب عمر و الخال الطيب في طريقهم إلى العيادة فأخبرني موظف الإستقبال بضرورة السرعة حتى يتسنى لنا مقابلة الطبيب في وقت مبكر و إتصلت على الأخ صديق و أخبرني أنهم على بعد خمس دقائق

وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ...
صدق الله العظيم
رحمك الله الخال الطيب عمر و غفر زنبك و أبدلك داراً خير من دارك
و أن رسولنا الكريم محمدصلى الله عليه و سلم تحت الثرى و لا نقول إلا ما يرضى الله و أن العين لتدمع و القلب ليحزن و إنا لفراقك يا الطيب عمر لمحزنون

(إنّا لله وإنّا اليه راجعون) اللهم ارحم الطيب عمر واجعل الجنة متقلبه ومثواه.اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ,لقِّه الأمن والبشرى والكرامة والزلفى ,اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته ، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن إساءته ، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ،
نقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ،
أبدله أهلاً خيراً من أهله ، وداراً خيراً من داره ،
وجيراناً خيراً من جيرانه ، اللهم لا تحرمنا أجره ،
ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله
فقد كبير ومصاب جلل . تعازينا لكل الاهل ولكم اخي ودالعمدة .

اللهم اغسلة بالماء والبرد والثلج ونقيه من الذنوب و الخطايا كم ينقاء الثوب الابيض من الدنث

إنا لله وإنا إليه راجعون،،،